ملهمون
عودة مغترب
هذه المقالة ضمن إطار مشروع شبابي تقوم به مؤسسة جود للتنمية المستدامة ومكتب الإعلام محافظة شبوة بالتعاون مع نافذة شبوة و موقع شبوة نيوز
شبوة نيوز خاص / صلاح مسعد مسرور
فاضت الفرحةُ في قلبه، أضاءت الابتسامة وجهه عندما تأكد أن قريته قريبة منه لايفصلها عنه سوى وادٍ صغير.
تثاءب ثم قال بلوعته المنفعلة: ياليتني حمامة تنثر الورد على سطوح قريتي!
كان ليل القرية صامت وساكن،
طاف بشريط ذكرياته إلى الوراء مسترجعًا حياته الماضية، تذكَّر غربته التي اختمر فيها بين كتب و ممرات الجامعة أربع سنين، تلك الغربة التي أنسته عشقه للرسم.
كان يكره الحفلات الميلادية؛ فأمس كان عيد ميلاده الخامس والعشرون ولكنَّه لم يحتفل به!
حكَّ بأنامل يده اليمنى خدَّه الأبيض الأيسر.
مشَّط بيديه النحيفة شعره الغزير الناعم الفاحم السواد، تساءل مع نفسه:
هل كبر جسم أخي الصغير أم لا يزال هزيلًا؟
صمت لم يكترث للجواب ...
هبط العقبة المنحدرة ببط حذر يتحسس طريقه.. دقَّت ساعة معصمه.
كان ظلام الحادية عشرة يلفُّ كلَّ شيءٍ كأنَّه ظلام العصور الغابرة.
وصل إلى قاع الوادي، انهمرت على عقله صور شتى عندما لمست قدماه حصى الوادي البيضاء.
تذكَّر جداته عجائز القرية وقصصهم التي تحكي عن جِنِّيَّات الوادي التي تخطف كل إنسان يمر به ليلًا..
لم يأبه لتلك الخرافات الساذجة في نظره.
بدأ يمشي متابِّطًا حقيبته السوداء.. حذاء قدماه يرصفان الأتربة والحصى، زمجرت الريح طاير معوزه.
نظر إلى قريته ذات السبع بيوت النائمة على سفح الوادي.
رأى بيته الطيني اللبني الشكل في مقدمة القرية منتصب القامة، قاهر الزمن، تداعب سطحه سعف النخيل الخضراء كأنه هندي أحمر.
قال يحدث نفسه: إنها مفاجأة لهم ماذا سيفعلون ويقولون عندما يروني فجأة من دون أن أعلِّمهم أطرق الباب؟ ماذا سيكون شعور أمي هل ستغرِّد أو لن تقدر على الزغردة من فرحة المفاجأة؟
توقف عن الكلام، أطرق برأسه وأضاف: المهم إنني أشتريت لها هديتها،
اقترب من حافة عقبة صعود الوادي المؤدية إلى بيتهم، انحنى بظهره المثقل بالدراسة، أخذ حفنة من تراب الوادي تشممها، عزفت أوتار قلبه المشدودة سيمفونية الاطمئنان والرضا عن نفسه، تذكَّر أيام الصبا الجميلة عندما كان يلعب الكرة مع فتيان القرية، خطى للأمام خطوات كبيرة وسريعة.. بيته بدأ يقترب، أمله يتضخم في مخيلته، إحساس بالخدر يسبر أغواره، سقطت حقيبته من يده من شدة مايجيش بقلبه من عواطف لقريته، انحنى ليحملها وإذا بصوت عنيف يمزِّق صمت القرية وينتزعها من سباتها العميق، سقط صديقنا وحيد أبويه مضرجًا بدمائه من رصاصة أطلقها أبيه ظنًا منه أنه لِص اسطوانات الغاز!!
غامت الأشياء في وجهه ولم يعد يرى إلا وجوه مشوشة، وصورة مختزنة في عقله لقريته مليئة بالخطوط كأنها لوحة سريالية.
شبوة نيوز خاص / صلاح مسعد مسرور
فاضت الفرحةُ في قلبه، أضاءت الابتسامة وجهه عندما تأكد أن قريته قريبة منه لايفصلها عنه سوى وادٍ صغير.
تثاءب ثم قال بلوعته المنفعلة: ياليتني حمامة تنثر الورد على سطوح قريتي!
كان ليل القرية صامت وساكن،
طاف بشريط ذكرياته إلى الوراء مسترجعًا حياته الماضية، تذكَّر غربته التي اختمر فيها بين كتب و ممرات الجامعة أربع سنين، تلك الغربة التي أنسته عشقه للرسم.
كان يكره الحفلات الميلادية؛ فأمس كان عيد ميلاده الخامس والعشرون ولكنَّه لم يحتفل به!
حكَّ بأنامل يده اليمنى خدَّه الأبيض الأيسر.
مشَّط بيديه النحيفة شعره الغزير الناعم الفاحم السواد، تساءل مع نفسه:
هل كبر جسم أخي الصغير أم لا يزال هزيلًا؟
صمت لم يكترث للجواب ...
هبط العقبة المنحدرة ببط حذر يتحسس طريقه.. دقَّت ساعة معصمه.
كان ظلام الحادية عشرة يلفُّ كلَّ شيءٍ كأنَّه ظلام العصور الغابرة.
وصل إلى قاع الوادي، انهمرت على عقله صور شتى عندما لمست قدماه حصى الوادي البيضاء.
تذكَّر جداته عجائز القرية وقصصهم التي تحكي عن جِنِّيَّات الوادي التي تخطف كل إنسان يمر به ليلًا..
لم يأبه لتلك الخرافات الساذجة في نظره.
بدأ يمشي متابِّطًا حقيبته السوداء.. حذاء قدماه يرصفان الأتربة والحصى، زمجرت الريح طاير معوزه.
نظر إلى قريته ذات السبع بيوت النائمة على سفح الوادي.
رأى بيته الطيني اللبني الشكل في مقدمة القرية منتصب القامة، قاهر الزمن، تداعب سطحه سعف النخيل الخضراء كأنه هندي أحمر.
قال يحدث نفسه: إنها مفاجأة لهم ماذا سيفعلون ويقولون عندما يروني فجأة من دون أن أعلِّمهم أطرق الباب؟ ماذا سيكون شعور أمي هل ستغرِّد أو لن تقدر على الزغردة من فرحة المفاجأة؟
توقف عن الكلام، أطرق برأسه وأضاف: المهم إنني أشتريت لها هديتها،
اقترب من حافة عقبة صعود الوادي المؤدية إلى بيتهم، انحنى بظهره المثقل بالدراسة، أخذ حفنة من تراب الوادي تشممها، عزفت أوتار قلبه المشدودة سيمفونية الاطمئنان والرضا عن نفسه، تذكَّر أيام الصبا الجميلة عندما كان يلعب الكرة مع فتيان القرية، خطى للأمام خطوات كبيرة وسريعة.. بيته بدأ يقترب، أمله يتضخم في مخيلته، إحساس بالخدر يسبر أغواره، سقطت حقيبته من يده من شدة مايجيش بقلبه من عواطف لقريته، انحنى ليحملها وإذا بصوت عنيف يمزِّق صمت القرية وينتزعها من سباتها العميق، سقط صديقنا وحيد أبويه مضرجًا بدمائه من رصاصة أطلقها أبيه ظنًا منه أنه لِص اسطوانات الغاز!!
غامت الأشياء في وجهه ولم يعد يرى إلا وجوه مشوشة، وصورة مختزنة في عقله لقريته مليئة بالخطوط كأنها لوحة سريالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق